خبر : قـطـاع الأدويـة فـي غـزة يـحـتـضـر

الأحد 15 سبتمبر 2013

قـطـاع الأدويـة فـي غـزة يـحـتـضـر

مع بداية عام 2013، أصابت الحاجة أم فؤاد (50 عاماً) أعراضاً مرضية تشبه إلى حدٍّ كبير، تلك التي تخصّ الإنفلونزا الشديدة، ثم تطور الأمر بعد شهرٍ فقط إلى حمى شديدة وفقدانٍ للوزن وقيء ويرقان، لتثبت بعدها نتائج التحاليل أن المذكورة مصابة بمرض التهاب الكبد الوبائي (أ (

هذه المشكلة ترتب عليها معاناةٍ أصابت الحاجة نتيجة ارتفاع سعر علاج هذا المرض، وشحه في السوق الفلسطينية، حيث يحتاج المريض إلى (4) جرعات شهرية، ثمن الجرعة الواحدة يقارب 400 دولار أمريكي.

وزارة الصحة التابعة لحكومة غزة حاولت على مدار السنوات الماضية توفير علاج هذا المرض العضال لمرضى قطاع غزة، رغم تكلفته العالية التي قاربت (20) ألف دولار للمريض الواحد على مدار السنة، إلا أنها اليوم تجدد نداءات الاستغاثة إزاء تقلّص كمياته في مخازنها نتيجة الأزمة السياسية الراهنة، والأوضاع الداخلية المتأزمة في جمهورية مصر الشقيقة، التي كانت سبباً في إغلاق معبر رفح، وهدم عدد كبير من الأنفاق على الحدود الجنوبية للقطاع، الأمر الذي بات ينذر بكارثة صحيّة حقيقية قد تكون لها تبعاتها الإنسانية في المستقبل القريب.

لوكيميا

وتقول الحاجة أم فؤاد :"أموت كل يوم ألف مرة، وأشعر بأن نهايتي اقتربت (...) كان توفير علاجي يتم بشق الأنفس في وقت الرخاء والهدوء، فما بالنا اليوم ونحن نعيش حرباً نفسية وحصاراً ليس لنا مخلّص منه إلا الله؟!".

المخاوف نفسها ساورت الأربعينية أم محمد التي يعاني ابنها الأصغر يزن (7 سنوات) من مرض سرطان الدم (اللوكيميا)، إذ إن الأخبار كلها تتحدث عن شح في مخزون الدواء الخاص بمرضى السرطان على اختلاف أنواعه.

تعقّب: "أنظر إلى طفلي الصغير كل يوم، وأسأل نفسي: هل يمكن لأم أن تتحمل فكرة أن يموت طفلها أمام عينيها وهي غير قادرة على مساعدته أبداً؟! (...) تحويلات العلاج في مصر تقريباً متوقفة، والعلاج شحيح في مخازن الصحة، وطفلي تتدهور حالته يوميّاً، إذ بصعوبة نوفّر علاجه الآن"، متسائلةً باستهجان: "فما بالنا ونحن نتحدث عن إمكانية نفاده بشكل كامل؟!".

30% أدوية و50% مستهلكات طبية

المدير العام لإدارة الصيدلة في وزارة الصحة أشرف أبو مهادي أكد لـصحيفة"فلسطين" أن القطاع الدوائي في غزة يعيش أزمةً حقيقية؛ نتيجة إغلاق معبر رفح البري، وهدم العديد من الأنفاق على الحدود، إذ نفد رصيد (145) صنفاً دوائيّاً بشكل كامل من أصل (500) صنف موجودة، وأوشك أن ينفد (65) صنفاً أخرى.

وتبعاً لما أفادنا به أبو مهادي، إن 459 صنفاً من أصناف المستهلكات الطبية أضحت مفقودةً تماماً من مخازن وزارة الصحة من أصل (902) صنف ضروري، في حين يتأهب للنفاد بشكل كامل (77) صنفاً أخرى، محدداً نسبة النواقص بنسبة 30% من الأدوية، و50% من المهمّات والمستهلكات الطبية.

وبين أن الأزمة الحقيقية بدأت تتجلى اليوم فيما يتعلق بأدوية الأورام السرطانية، إضافة إلى العلاجات النفسية، وعموم الأدوية اللازمة للأمراض المزمنة كالضغط والسكري، فضلًا عن المهمات اللازمة لجراحة العظام.

وفي ظل تقليص عدد التحويلات للعلاج بالخارج بسبب الأزمة المصرية الداخلية (والحديث لأبو مهادي) وشح الدواء في القطاع، ازداد ضغط الاحتياج الداخلي للأدوية، الأمر الذي كان سبباً مباشراً لنقصها بأنواعها المختلفة من مخازن الوزارة.

وبين أن التواصل مع مستودعات الصحة في رام الله مازال مستمراً، قائلًا: "إذ أرسلت بعض الأصناف إلى غزة على صعيد الأدوية والمستهلكات، ولكن الكميات المرسلة لا تكاد تغطي احتياجات الوزارة في وقتٍ وجيز".

وأضاف: "ثلث الأدوية والمهمات الطبية كانت تأتي من داخل مصر، أو من خلالها، أما الآن ومنذ حوالي الشهرين تقريباً لم يصل إلى الوزارة أي شيء يذكر"، مناشداً الجهات المانحة دعم القطاع الدوائي في غزة، لاسيما أن وضعه أضحى على أبواب كارثة حقيقية، ستأخذ في طريقها أرواح أناسٍ أبرياء".

ومن الجدير ذكره أن وزارة الصحة بغزة تحتاج إلى ما مقداره (4 ملايين دولار) _أي ما يعادل (15 مليون شيقل)_ شهريّاً لتوفير الأدوية والمستهلكات الطبية المختلفة، وتغطية الخدمات الأساسية في مرافق الصحة بالقطاع.

 

 المصدر : وكالة سما الإخبارية